الجنون "المعقلن" في التجربة التشكيلية الحديثة
الجنون "المعقلن" في التجربة التشكيلية الحديثة
د. بسمة منصور، تونس
ترحل بنا التجارب التشكيلية الحديثة الى عالم
عجائبي يفتح مصراعيه على جميع العلوم ليثير فينا رغبة الخوض في غمار التفكير
الفلسفي للحظات، فينقلنا سريعا لنصبح خبراء نفسانيين ولزلنا كذلك حتى نجد أنفسنا
أمام دفات صفحات التاريخ... وهكذا يتنقل بنا وبشغف لمعرفة خصوصياته وأبعاده
الجمالية وأسراره النفسية وتأثيراته الزمنكانية خلف كل لون وشكل ومادة وخلف كل
تجربة فنية... ذلك هو الفن الحديث يسير بالمتأمل بخطى خفية وراء جميع العلوم
ويتحرك ضمنها ليشبع رغبات الفنان الباحثة عما لم يقدم. فما لم يقدم يعد من أهم
أهدافه الفنية، التي تدفعه لكشف ستار اللامرئي ليصبح مرئيا وما هو خيالي ليضحى
واقعيا، يتأرجح بنا بين المتناقضات ففي فضاء المحمل لا شيء مستحيل فلقد حلم
الإنسان بعالم رخوي فعاش فيه للحظات، حلم ان يعيش كالطيور يتجول في الهواء فكان ان
طار، سعى الى جمع الحقيقة بالأسطورة بأسلوب يخدع به عين المتلقي فكان ان عكسها على
اللوحة مما أثار الريبة والشك ان ما يوجد من أشكال حيوانية وإنسانية ونقل للأحداث
يوجد في مكان ما على الكرة الأرضية، فكل ما يقدمه لنا هي انطباعات فنية لم تراها
العين سابقا ولم يقع ببال إنسان، لنقف في النهاية ونقر بأن ما قدم هو الإبداع في
أعلى مراتبه. حيث الخيال أساس الإبداع الذي ينقلنا للإقرار بمدى جنون الفكرة
المرصودة في الأثر الفني. فدرجة الجنون تضعنا أمام مرتبة الإبداع لبعض التجارب
الفنية فمن هذا المنطلق جاء عنوان المقال: الجنون "المعقلن" في التجربة
الحديثة، والذي نعني به:
-
الجنون
بما هو دافع للإبداع.
- الجنون بما هو فكرة وموضوع يعتمد العقل ليقدم أعمالا فنية ممنهجة
ومدروسة.
-(وفي الآن ذاته) الجنون بما هو تغييب للوعي وإعلاء سلطة اللاوعي.
فأي
معنى للجنون "المعقلن" في الفن التشكيلي الحديث؟ وكيف يتجلى كمبدأ فني
يجعل من العمل يتجاوز حدود المألوف ويضعه في مرتبة الإبداع؟ وما مجالات تفاعله
أسلوبا وتقنية ومادة؟ وكيف يمكن اعتباره وسيلة فنية تمكنت من الكشف عن مكنونات
الفنان واستطاعت سبر أغوار الذوات الإنسانية؟ والى أي مدى يمكن اعتبار الأثر الفني
جسرا يعبره المتلقي لبلوغ ما يفكر فيه الفنان؟
لقد دعت عديد التجارب
الفنية الحديثة والمعاصرة الى ضرورة حضور الجانب اللاواعي في الفن، ليكون سيد
الفكرة والمسيرة لإنجازها، مؤكدة على ضرورة تغييب العقل وإعلاء سلطة الخيال والحلم
عند إنشائية الأثر الفني، ويعد توظيفه "لاستخلاص القوة الكاملة من الكيان
العقلي للإنسان بوساطة ما يسميه "بريتون" الهبوط المدوخ لأنفسنا. وترى
السريالية إن هناك ينابيع خفية في العقل الباطن، وانه يمكن الوصول الى هذه
الينابيع إذا نحن أطلقنا العنان لخيالنا وإذا نحن سمحنا لأفكارنا أن تكون
تلقائية"1. إن ما دعت إليه السريالية يدفعنا لنقف ونبحث في مسائل
تشكيلية خفية تهتم بما وراء المرئي، فهذه الدعوة تكشف قصور العقل لطالما سنبحث عن
اللامرئي في ظل تغييب الوعي، وأن هذا الجزء من العالم ستكشفه؛ أيضا؛ لحظات لا
عقلية مر بها الفنان عن طواعية وقصد ليقدم لنا مع نهاية كل أثر فني أعمالا رهانها
تحطيم كل القيود التقليدية وتحريك سواكن المتلقي وتحدث روح الغرابة، ليضعنا أمام
عالم آخر كان وراء بروزه لحظة جنونية انغمس فيها وسلم فيها ذاته الى خياله وأحلام
اليقظة.
إن
العملية الجنونية التي يتعمدها الفنان هي عملية تبدو كذلك في الظاهر ولكن باطنها
تسيير من العقل وتوجيه منه، لذلك نعتبر كل عمل تشكيلي يدعي غياب العقل بالجنون
"المعقلن"، فلحظة الجنون تستدعي العقل مهما بلغ العمل ذروة الجنون،
والدراسات في هذا الإطار عديدة، فلسفية ونفسية وفنية... وحتى نتمكن من تأكيد كل ما
ذكر وما سيذكر ارتأينا ان نقف عند محورين أساسيين: الأول يهتم بتنزيل مفهوم الجنون
ضمن سياقات فكرية وفنية والثاني نقدم فيه دراسة لبعض التجارب الفنية التي رأينا
فيها ما يعكس الإبداع والجنون في الفن.
I. مفهوم "الجنون" ضمن سياقات فكرية وفنية
1- "لوحة سفينة الحمقى"2:
يعد طرح مسألة الجنون "المعقلن" من الدراسات القديمة المتجددة، حيث وقع
التطرق اليها منذ عصر النهضة الى يومنا هذا، لاتساع مجال البحث فيها واختلاف رؤى
الباحثين، ونحن من خلال تناول لوحة "سفينة الحمقى" لجيروم بوش (فنان عصر
النهضة) نشاهد وجهة نظر أخرى لهذا المصطلح ورؤية مخالفة لما سنطرحه في الفن
الحديث، حيث يعالج الفنان قضايا متنوعة فنقل صورة لسفينة محملة بالمجانين وهي تمثل
نموذجا لأحدي "السفن التي كانت تنقل حمولتها الجنونية من
مدينة إلى أخرى وجدت حقا. (في ذلك العصر) ولهذا، فإن الحمقى كانوا يعيشون حياة
التيه"3 فيها ولعله الدافع وراء تشبيههم
بالحمقى فاللوحة تحمل خطابا غير مباشر لفئة من المجتمع وقع جمعهم داخل مساحة صغيرة
وفي البحر وهنا يكمن متن اللوحة، ويتلخص في التقاء مجموعة كبيرة من الأشخاص في
سفينة صغيرة وكل واحد منهم منهمك في فعل ما، إشارة الى غياب الترابط والتواصل بين
أفرادها بشكل يلفت الانتباه ويثير الكآبة. فرمزية الجنون في اللوحة ماهي إلا رصد
للوضع العام للبشر في ذلك العصر، فالسفينة ترمز الى الوطن، وحالة الأشخاص وكأنهم
في هذيان وكل يتكلم بكلام لا معنى له وكل منفرد بأفعاله والتي يراها الفنان إنها
أفعال دون هدف نظرا لغياب الترابط والتواصل بين المجموعة والحالة التي عليها
السفينة التي تتمايل في البحر دون وعيهم بخطورة الموقف.
فتصور الجنون في اللوحة هو تصور فعلي غير انه يتخفى خلف صورة كاريكاترية
مشبعة بالنقد والاستهزاء. تجسد غياب الوعي وتحمل المسؤولية، فمجانين
"بوش" يعيشون متنقلين في البحر لا هدف لهم ولا طموح سوى الأكل والشرب
والكلام بدون معنى. وكأنه تمثّلٌ مصغر لما تعيشه البشرية من استهتار وعدم إدراك
النهايات التي قد تخلفها مثل هذه الأفعال. فالجنون في تجربته يمثل مجرد قناع يخفي
خلفه فضاعة الكائن البشري خاصة أنّ جل أعماله تكاد تتناول الموضوع ذاته وكأنه
تأكيد على حالة الجنون والهذيان وبأسلوب عجائبي يغوص أكثر في العالم اللامرئي
"اذ يعتبر كثيرون جيروم بوش هو فنان فنتاستيكي بالدرجة الأولى فهو يعطي
لعوالمه نزعة عجائبية واضحة حتى يؤسس لمجال خوارقي واسع. ففي كل مكان في اللوحة
يقدم ابتكارا جديدا حتى تبدو العوالم متداخلة وحتى يكون اللامعقول واقعا مفروضا
فنرى إنسانا مثقوبا مشدودا بحبال وهكذا تتكرر المشاهد الغربية"4 فطرح "بوش" لمثل هذه
المسائل ليعكس فكرة ما أثارت قلقه تجاه واقعه فوجد في جنون البشر أقرب تشبيه
للحالة التي يعيشونها فكان أن جسدهم في مجموعة من الحمقى داخل سفينة راسية على
البحر.
جيروم
بوش، سفينة الحمقى، متحف اللوفر، 1490
2- الجنون في الفن ضمن الدراسات النفسية:
ينظر الطبي النفسي لمسألة الجنون في الفن
بمنظار مختلف عن بقية الأنساق الفكرية، حيث نسبت بحوث فرويد الإبداع في الفن إلى
منطقة الشعور واللاشعور في الإنسان، والتي تتمثل في الوعي واللاوعي اللذان يسيطران
عليه، لذلك يعدُ فرويد الفنان بذلك "الشخص المنطو يصير على حافة العصاب أو
المرض النفسي فلوحاته الفنية تعبير عن تركيزه لطاقة اللبيدو في الحياة الوهمية
الخيالية بدلا من توجيهها نحو عالم الواقع"5.
فعلماء النفس يرجعون الأعمال الفنية الى الكبت، والأرق النفسي والكآبة... لتصبح
هذه النزوات الدافع الرئيسي الى الإبداع، والمحرك الأساسي للعمل الفني خاصة إذا ما
توقفنا عند تصريح آخر للمدرسة الفرويدية ترى فيه الفنانين جميعا
"نرجسيون" بمعنى أنّهم أشخاص لم يكتمل لديهم النضج النفسي فهم بذلك
يحملون سمات الطفولة. ومن هنا نفهم؛ وبحسب التحليل النفسي؛ أن الفنان المبدع محاط
بالأرق النفسي والذي يقع تخلص منه عن طريق العمل الفني. وقد عبّر فرويد في بعض
دراساته عن أنظمة معقدة في التركيبة النفسية للإنسان والتي تعمل على تسييره
وتوجهيه "الأنا" و"الهو" و"الانا "الأعلى".
وبذلك "يتصل الهو الى حد كبير بالمصدر البيولوجي في حين لا يحتوي اللاوعي إلا
على تصورات نفسية مكبوتة"6.
مما يؤكد إن الإبداع في الفن هو نتيجة أفكار وتأملات نفسية دفينة في الإنسان وهي
تلك "التصورات النفسية المكبوته" هذه التصورات تساهم في إظهار الجزء
الخفي من الذات، والذي لا يمكن رؤيته في الواقع وبالعين المجردة وكثيرا ما يعدُ من
عالم الأوهام والأحلام وهو ما يفسر مصدر العمل الفني لدى السرياليون الذين اهتموا
بعالم الأحلام واللاوعي في تجاربهم.
ومن هنا لا يمكن ان ننفي مثل هذه الدراسات أمام
ما نراه اليوم من تعمد بعض الفنانين الى ان يكونوا في حالات لا واعية لإنجاز
أعمالهم الفنية من خلال تعاطي مواده مخدرة7
مثل الخمور لتغييب العقل، ومثل هذه الأفعال ماهي إلا دعوة من العقل الى العقل
للغياب وترك المجال للحظة جنونية دون رقابة عقلية، ففعل ترك الألوية للاوعي من قبل
الوعي لهو الادراك والحضور التام للعقل عن طواعية ورغبة من حدس الفنان ليتصوّر
مالم يتصور ويبحث عما هو دفين في الذات الفنية لديه دون علم منه.
3- التناول الادبي لمفهوم "الجنون":
لم يمنع الإبداع الادبي من صفة
"الجنون" فلقد سيطرت فكرة الجنون والوحي والالهام على عديد من المؤلفين
وخاصة رواد النزعة الرومنطيقية، حيث زعم أغلبهم ان وراء إبداعهم لحظة جنونية ولا
شعورية جعلت من مؤلفاتهم تحظى بجانب من القداسة والتمجيد لأن مصدر الجنون وحي إلهي
دفع بالإلهام ليتسلل الى مخيلة الكاتب ليوحي إليه بالأفكار، وهي نظرية عرفوا بها
أصحاب النزعة الرومنطيقية الذين يعتقدون ان الفنان شخص يختلف عن الإنسان الطبيعي
حيث خصته الآلهة بالحس المرهف، ويمتلك قدرة خارقة للإبداع، ويتمتع ببصيرة حادة
تجعل منه مميزا. ولعله الدافع أيضا وراء نسب عديد المقولات لمجموعة من المبدعين في
ذلك الزمن فلقد قيل عن شاتوبريان من أنه قال "إنني لأستلقي على سريري، وأغمض
عيني تماما، ولا أقوم بأي مجهود، بل أدع التأثيرات تتابع فوق شاشة عقلي، دون أن
أتدخل في مجراها على الإطلاق... وهكذا أنظر الى ذاتي فأرى الأشياء وهي تتكون في
باطني. إنه الحلم أو قل إنه اللاشعور."8
وفي نفس السياق عبّر كل من الشاعر الفرنسي لا مارتين والكاتب الألماني جتيه
والشاعر الإنجليزي كولردخ، ولعل اعترافاتهم هذه ما هي إلا محاولة للبحث عما وراء
الإبداع الذي يدفع بالإنسان الى تقديم عمل عبقري؛ ( اذا ما نظرنا الى العبقرية بما
معناه الذكاء الخارق الذي يخلق التفاوت الفكري بين البشرية)؛ وهي محاولة لإيجاد
تفسير لجمال وتفرد ما كتب فكان أن رُجح
الأمر الى إرادة خفية لا يعلم مصدرها، لذلك فقد يبرر كل منهم الدافع وراء الإبداع
إلى الوحي الإلهي والإلهام أو لحظة لاشعورية أو أحلام اليقظة التي تسيّر وتوجه
العقل دون إرادة منه.
وأمام هذا الغموض الذي أوقعنا فيه أصحاب
النزعة الرومنطيقية يصبح الجنون في الفن فعل اختياري، يسير فيه الأدباء لخوض
تفاصيل فكرة ما أثارتهم أو قد تكون لحظة الإبداع هي لحظة وعي تام؛ حتى وان تأكدنا
من الحالة المرضية التي يعيشها المبدع "ولكننا نعرف جيدا نيرفا ونيتشه اوجوست
وكومت وفان جوخ، وقد كانوا ذوي جنون متقطع بحيث أنشأوا أعمالهم في فترات الصحو
الذهني التي تتخلل الأزمة. ويجوز أن يكون الجنون قد ترك أثره في هذه الأعمال ولكنه
لم يكن سببا لها"9
في
اتجاه اخر، قد يرى البعض أنّ العملية الإبداعية هي جزء من محيط الفنان أثّرت فيه
فكانت الدافع وراء كتابة قصائده أو تأليف قصة أو انشاء أثر فني، حيث يقول أنتوان أرتو: "لا أحد يكتب أو يصور أو ينحت أو يبني أو يخترع
إلا للخروج من الجحيم الذي يعيشه"10 لتصبح العملية الإبداعية وسيلة للتعبير عن
وضع مؤلم يعيشه الكاتب أو الفنان، وبالتالي فهي لم تنشئ من العدم بل هي ترسبات
اجتماعية أثّرت في الذات فخلقت أثرا فنيا، ولعله الدافع وراء قول سلفادور دالي
"ان تكون فنانا، كل ضربة من فرشاتك هي معادلة لمأساة عانيتها"11. ومفاد القول، إن العملية الإبداعية تظل
مرتبطة بطبيعة الذات الفنية. إلا ان ذلك قد يدعونا للتأمل والتدبر بعد الاطلاع على
موقف فيكتور هيجو الذي تحدث عن التمهيد والتأمل حيث يقول "إن الإلهام هو
بمثابة الطائر الذي يخرج من البيضة. فلو لم يتم احتضان البيضة والرقاد عليها لما
أفرخت وخرج هذا الطائر. ثم يستطرد ويقول "إن الذكاء والذاكرة لهما جناحا
المخيلة"12. وبالتالي تصبح العملية الإبداعية مأتاها العقل يتدبر ويتفكر ثم يقع الإنجاز
وكأننا أمام تخطيط عقلي مسبق للعمل يُرسم في الذهن ثم يقع نقله على المحمل،
فالصورة، إذا، نتاج عقلي صرف لا نتيجة الإلهام والوحي.
4- التناول الفلسفي لمعنى الجنون في التجارب الفنية:
تعدُ العبقرية في الفن جنون، والجنون هو
انجاز أعمال خيالية تترفع عن الواقع وتحاول ان تشبهه في الآن ذاته، وإذا ما عندنا
الى الدراسات الفلسفية نجد اقتران فكرة الجنون لدى الفلاسفة بحضور الصورة
الخيالية، لأن "ما يقدمه الفنان من تجارب فنية
إبداعية هي عملية اشتراكية بين الفكر والمخيلة، وبذلك فالمصور الذي يكون خياله
نشطا ذلك الذي لا يختلف عمله عن تفكيره إلا قليلا لكنه لو عرف كيف ينشط خياله
لأنتج فنا رائعا"14
ويعد الخيال، بهذا المعنى، أعلى مراتب الجنون
في الفن بما أنه هو الإبداع والعبقرية لنجاح التجربة الفنية، لذلك نجد ان أغلب
النظريات الفلسفية تربط الإبداع بالخيال، إلا أن المصدر وراء انجاز صور خيالية قد
يشوبه بعض الغموض، حيث أرجع عديد الفلاسفة الإبداع الى الوحي الذي ينزل على الفنان
فيلهمه، "والظاهر ان أفلاطون مسؤول الى حد كبير عن انتشار هذا الرأي بين
جمهرة علماء الجمال وأصحاب النقد الفني (...) فقد ذهب الى القول بأن الإبداع الفني
لا يخرج عن كونه ثمرة لضرب من الالهام أو الجنون الإلهي وأن الفنان بالتالي هو ذلك
الشخص الموهوب الذي اختصته الآلهة بنعمة الوحي "15.
وفي المقابل نجد من الفلاسفة من سعى الى تحديد علاقة العالم بالواقع بتقديم نظريات
عقلانية وأسسها يقينية لا تعتمد على الوهم والخيال أمثال ديكارت، فالصورة بالنسبة
لديه ينشئها الذهن ولا علاقة للحواس في ذلك. وفي المنهج ذاته يرى سبينوزا ان
الصورة وليدة التفكير والتأمل ولا علاقة للخيال والأوهام في ذلك. تصل بنا هذه
النظريات الفلسفية للإقرار بأن التجربة الفنية هي نتاج حسي وعقلي. حسي إذا ما وقع تبني
الموقف الافلاطوني وعقلي إذا ما سلمنا بالمنهج العقلاني.
II. الجنون والإبداع ضمن التجارب الفنية الحديثة
يدفعنا
الفضول في بداية هذا العنصر لنتساءل عن سبل الإبداع التي تجعل العمل الفني يرتقي
الى مرتبة "الجنون" وهي مرتبة يحظى بها كل من يمتلك الفطنة والذكاء الخارق
كالتي تميز الفنان عن بقية البشر لاكتسابه رؤية دقيقة تجعله يرى ما لا يراه غيره
او كما عبر عن ذلك الفيلسوف برغسون بقوله "يوجد رجال مهمتهم هي ان يروا وان
يجعلونا نرى ما لا نراه عادة... إنهم الفنانون"16.
ليخلق من العالم الحقيقي عوالم خيالية، "وقد أشار ديلاكروا الى هذا حيث قال:
إن الحياة والتعبير والشكل مترابطة ترابطا وثيقا لدى الفنان. وإن طريقته في
الملاحظة، وحتى في الادراك الحسي متكاملة أصلا. فالمصور يرى الدوافع وكل انطباع
لديه يتجه نحو الفن."17
فبتصوراته يقدم للمتلقي مواضيع فنية توهمه بتمثّلها للواقع ولكنها تحاول في الآن
ذاته ان تتنصل منه، فمن هذا المنطلق كان مسار عديد الفنانين الحداثيين الذين جمعت
أعمالهم صفة الإبداع والجنون، لتبرز القراءات فيما بعد مدى حضور الجنون
"المعقلن" في تجاربهم، فصفة الجنون هي الدرجة القصوى للإبداع، فالجنون
هنا لا يترتب عن فقدان الوعي بل قد يكون الفنان في قمة التفكير والتأمل الفني
لإنتاج فكرة تشكيلية أساسها الحضور العقلي والجسدي ورهانها ادراك جنوني لحقيقة
الأشياء.
" لكن ماذا يعني كل
هذا فيما يخص العلاقة بين الإبداع والجنون؟! كل هذا يعني وبكثير من الوضوح أن
مفاتيح الذهان الإبداعية ليست لها علاقة البتة بالذهان (المرض العقلي)، أو الجنون
إن العملية الإبداعية تلك ترتكز على عمليات ذهنية صحية تنبع عموماً من عقول صحية
وأذهان غير مريضة. أما في تلك الحالات التي يعاني فيها المبدع من مرض
عقلي، فمن الصحيح القول والتقرير بأنه حينما يستخدم عمليات خاصة ومختصة في خضم
عملية إبداعية، فإنهـا في لحظات الإبداع ـ تلك، يكون سليماً ومعافى في تفكيره
وإدراكه"18
1- فن جوخ والانطباعات النفسية:
لم يؤثر فان جوخ فينا بلوحاته فحسب بل أثر فينا
باعترافاته التي دونها لأخيه ثيو ولصديقيه، ليدفعنا للتساؤل والتدبر في مقولاته
وفي أعماله، فلا يمكننا قراءة أثاره الفنية دون الرجوع الى اعترافاته لنتمكن من
الوصول الى ما نبحث عنه ونكتشف ما تحمله رؤيته الفنية. ومن بين هذه الاعترافات
أنه: كتب لأحدي أصدقائه فقال: "إنني أريدك أن تعلم أنه إذا كان ثمة شيء جدير
بالتقدير او الاعتبار فيما أنا بصدد إنتاجه، فإن هذا الشيء ليس وليد الصدفة أو الاتفاق، إنما لقصد حقيقي واقعي ونشاط إرادي
غائي."19
وفي رسالة إلى أخيه ثيو بتاريخ 28
يناير 1889، يقدم فنسنت فان جوخ إجابته على سؤال يهم الكثيرين حول العلاقة بين
العبقري والجنون والفن وعلم النفس المرضي: "لن أقول إننا، نحن الفنانين، بصحة
جيدة عقلياً، على وجه الخصوص لن أقول هذا عن أنفسنا - أنا شيء مشبع بالجنون في
نخاع العظام. ولكني أقول وأؤكد أن لدينا الترياق والأدوية التي، إذا أظهرنا على
الأقل القليل من النوايا الحسنة، ستكون أقوى بكثير من المرض 20".
فما دونه الفنان من اعترافات تدفعنا الى ان
نتساءل عن مصدر العملية الإبداعية لديه هل هي عملية عقلية صرفه أم مرضه النفسي كما
رجح إليه عديد الباحثين والمؤرخين؟
وفي ظل ما نبحث عنه تتدافع الأسئلة في أذهاننا حول تجربته عما يبحث برسوماته
هذه؟ وكيف للرسومات ان تبوح بالحالة النفسية للفنان؟ وأي علاقة بين صور الأحذية
ومرضه النفسي؟ وكيف بإمكان المشاهد الطبيعية عكس انفعالاته؟ ...
فان
جوخ، حذاء، 37.5*45
صم، 1886
أضافة أعمال فان غوغ دروسا جديدة للفن الحديث،
بتقديم خطاب فني امتزج بالجنون والعقلانية في الآن ذاته مما دفع الباحثين الى
الغوص في أعماق تجربته الفنية ودراسة رسائله الشخصية علهم يجدون إجابة شافية
ومقنعة لما قدمه من مشاهد جمعت الإبداع بالاستفهام، والجمال مع البؤس، الواقع مع
الخيال، العاطفة والوهم... فما قدمه وما تطرقنا إليه من أقوال له مع بداية العنصر
يدفعنا للتأمل هل تجربته مصدر جنون أم هي جنون "معقلن"؟ وبالرجوع الى ما
وقع التطرق اليه من نظريات فكرية نلاحظ ثراء لوحاته فكريا
وفنيا، لما تحمله من تعبيرات عاطفية وعكسها رهافة حسه الفني برسمه لأحذية بالية،
ومشاهد طبيعية مثل "ليلة النجوم" أو "الحصاد"... فهي مشاهد لم
تكن من وحي اللحظة او الإلهام وإنما هي رسوم تحمل خلفها معاني خفية وقصد حقيقي
بدليل اعترافه "أنه رسم لوحة "حدائق الشتاء الصغير" عدة مرات دون
أن يستطيع التعبير فيها عن أي إحساس، فكانت محاولاته الأولى (على حد تعبيريه)
محاولات فاشلة لا تحتمل على الاطلاق"21 قول يدفعنا الى
الإقرار بأن إنشائية العمل الفني لديه تعمل على الحضور العقلي لا تسيير نفسي.
فالفكرة هنا تسبق العمل، مما يعني الإحاطة بالمضمون قبل الشروع في إنجازه. وهو ما
نسعى الى تأكيده الى اتصاف تجربته بالجنون "المعقلن"، فالفكرة تحظى
بالجنون بمعنى الإبداع لا الجنون بما معناه المرض رغم ثبوت مرضه النفسي، فالإبداع
هنا يقوده العقل لطالما تم الاعتراف بأن ما ينجزه "ليس
وليد الصدفة أو الاتفاق، إنما لقصد حقيقي واقعي ونشاط إرادي غائي" إشارة الى
حضور الفكرة الفنية، لتصبح الحالة النفسية منفصلة عن التجربة العملية.
تضعنا اعترافات فان جوخ أمام السؤال التالي
من القائل بأن أعمال فان جوخ هي نتاج لمرضه بالصراع أو الانفصام؟ وهل درجة إبداعه
كانت خلف إقرارهم بجنونه ومرضه النفسي؟ فهل يعني ذلك ان كل مبدع مريض نفسي؟ وهل ان
كل المرضى النفسانيين فنانين مبدعين؟
إن ما قدمه فان جوخ من
اعترافات يختلف عما تداوله بعض الباحثين في تجربته، وكمثال لذلك نتناول نظرية
دريدا في تحليله ل "زوجا الأحذية"، حيث تعد هذه اللوحة من بين اللوحات
التي اثارت فضول النقاد والباحثين، والتي حظيت بتأويلات مختلفة، ووقع النظر اليها
بنظرات السخرية من قبل البعض منهم، وعدها شابيرو حذاء من أحذية الفنان، واعتبرها
هيدغر حذاء لفلاحة.. والتأويلات في هذا السياق عديدة، ولكن دريدا يعتبر ان
"زوجا الأحذية" صورة تحمل دلالات السخرية والاستفهامات الفلسفية
المتنوعة حيث يقول في هذا السياق: "ففي كل
الأحوال فهما منفصلتان، تُحدقان فينا بفم فاغر أي بفم أبكم، فاسحتين مجال الكلام
على وجه الحقيقة. وإنها لتصير كما لو كانت مدركة لكوميديا هذا الأمر إلى حد الضحكة
المتواصلة المكتومة باستمرار. إزاء هذا التمشي ضدّ الواثق من نفسه، يضحك الشيء
(الحذاء) سواءا كان زوجا أو لم يكن."22
فهذا التناول الفلسفي لأحذية فان جوخ وتهافت الفلاسفة
نحوها لما تحمله من غموض، ورسائل خفية قد يعلم حقيقتها إلا صاحبها يوصلنا لنطرح
الأسئلة التالية: كيف لمريض نفسي ان يحير علماء وباحثين بشيء سفلي ليصبح بتناولهم
علوي، يتصدر العقول بعد ان كان في الأقدام يلمس التراب؟ كيف للوغوس أن ينزل الى
الأسفل ليبحث عن حقيقة حذاء بالي، أشعث؟ سؤال يدفعنا الى الإقرار بذكاء فان جوخ،
فاختيار الحذاء كنموذج ليكرر رسمه حوالي ثماني مرات لا يعد الموضوع صدفة أو لهوا
ولا يعد وحيا او إلهاما بل محاولة لفت الانتباه، التي تستدعي التوقف عندها والتأمل
فيها، وهي أحد خصوصيات الإبداع، ان يقدم أشياء غير مألوفة، تلفت الانتباه وتستدعي
التأمل والدراسة، هنا متن ما نبحث عنه والذي يوصلنا الى ان جنون الفكرة من وعي
الفنان، فنحن إذا، أمام تجربة تعي معنى الجنون "المعقلن" في أعمالها رغم
مرضها النفسي. فجنون الفكرة من وعي الفنان. ولكن "سوف يستمر القائلون في
قولهم بأن عبقرية فان جوخ كان راجعا الى جنونه، لكن قد يكون من الاصوب أن نقول إن
الأعمال الفنية على الأقل ما قبل العام الأخير من حياته تتصف بتوازن عظيم، وتشهد
بقوة بطولية لعقلية سليمة وإرادة متينة تحكمت في طبيعة ثأره وفي مجال مادي قابل
للحوادث العصبية."23
2- السريالية وتجربة سلفادور دالي:
تعدُ السريالية من أهم المدارس الفنية التي ارتبط اسمها
باللاوعي وأحلام اليقظة نظرا لما تقدمه من أعمال خيالية ولا واقعية ومستمدة من
الأحلام والخيال وبعيدة كل البعد عن الواقع وهي أقرب المدارس الفنية التي تتصف
بالجنون، حيث يقول سلفادور دالي وهو أحد أهم روادها: "أنا أفضل مجنون وُجد في هذا العالم.24 " وبقوله "لكي ترسم يجب ان تكون
مجنونا"، فمن منظورهم ان أهم ميزة في الرسم الجنون، فأي جنون يلمح إليه السرياليون؟
سلفادور
دالي، إصرار الذاكرة، زيت على قماش، 33*24 صم،
المتحف الحديث نيويورك، 1931
|"ترى
السريالية أن هناك ينابيع خفية في العقل الباطن، وأنه يمكن الوصول الى هذه
الينابيع إذا نحن أطلقنا العنان لخيالنا وإذا نحن سمحنا لأفكارنا أن تكون
تلقائية"25.
فهي تقوم إذا، على مبدأ تقديم فرصة للخيال والسماح له بالتلقائية والحرية وتجاوز
رقابة العقل، وسبر أغوار النفس والغوص في أعماق اللاشعور، ليفصح عما تخفيه الذات
الانسانية. فالسريالية تقرّ بمبدأ التلقائية وتعتبرها مرآة لكشف ما تخّزنه النفس
من مشاعر الخوف والرعب والحب... غير أنه وفي ذات الوقت قد
يبدو الأمر استحالة، فلكي يسلم العقل مكانه للاوعي عن تلقائية ويغيّب ذاته يبدو
الأمر فيه شيء من الطرافة، ففي تسلمي مكانه للاوعي إقرار بحضوره، ولعل خير شاهد
على ذلك رسوماتهم التي رغم تعاليها عن الواقع إلا أنها تشبهه، فكل الأشكال واقعية
مع إضافة لمسات خيالية، مثل لوحة "إصرار
الذاكرة" لرائد السريالية سلفادور دالي، والتي بحسب تعبيره "ليست
مجرد صورة خيالية وشاعرية للواقع بل انّها رؤية كلوحة الجبن السيال، وفي الحقيقة
أعظم تعريف كامل لأعلى التخيّلات الرياضية يمكن أن تعطينا الزمان والمكان، هذه
الصورة المستوحاة من البارانويا يمكن القول بأنني اختطفتها من
عالم اللاعقلانية لأكثر الأنماط هولا في ترسانة الأسرار..."26
لما تحمله من دلالات توحي وكأنها من عالم آخر، حيث الفضاء
الممتد الى اللانهاية، وبحر في صحراء خالية، وساعات رخوية وكأنها تدعو الزمن
ليتوقف... ولكن حينما نحاول الاقرار بغياب العقل عن العملية الفنية والإبداعية
وتأكيد حضور الجانب التلقائي واللاوعي وبأنها "مختطفة من عالم
اللاعقلانية" نجد أننا مع كل شكل وكل تأويل هناك حضور للوعي وان العملية
الإبداعية هي نتاج مزدوج -كما عبر عن ذلك سوربو- معنى هذا أن التأمل سبق
التلقائية، فحضور الفكرة يلغي اللاوعي ويقصي حالة الجنون عن الفنان وسبل الوصول
الى الإبداع.
فنحن إذا أمام تجربة جمعت الوعي باللاوعي، رغم إقرار دالي بأنها "من
عالم اللاعقلانية لأكثر الأنماط هولا في ترسانة الأسرار" وذلك لما تحمله من
دلالات عقلانية والتي تبرز في اختيار الأشكال والألوان، التخطيط للفكرة وتجسيدها،
اختيار عنوان اللوحة لتعبر عن شيء ذاتي ونفسي... أما الجانب التلقائي واللاواعي
فيها فيتلخص في طبيعة الأشكال التي ستخدم الفكرة.
إذا، فمهما ادعت السريالية أنّها تفكر بحواسها
كما ذكر سلفادور دالي بقوله "أنا أفكر بعيني، وهي الاثبات الوحيد الذي أعطي
به البريق الروحي تعبيرا عن مشاعري"27 فإنها مقيدة بحدسها
الذي يستدعي التأمل لبناء الفكرة. فالتجربة الفنية هي عمل مزدوج بين الحواس
والحدس، فالعقل يتأمل والحواس تختار وتقرر صحة ما أنتجه.
بهذا المعنى الواسع لمفهوم الجنون في الفن والذي كل ما تطرقنا فيه إلا وازداد ثراء وتعقيدا، لما يحمله من طرافة المعنى والتنوع في التناول الفني، فلقد تأكد لدينا ان الإبداع الفني هو جنون مسير من العقل والخبرة الفنية، ومعنى هذا أنه لا يمكن نجاح العملية الفنية ان لم تكن هناك مرحلة تحضرية يقوم فيها الفنان بالبحث والدراسة والاختبار، ثم تأتي في مرحلة موالية التلقائية لأنها نتيجة للخبرة الفنية. ومن باب آخر يعد البحث في مثل هذه المسائل مفتوح ويستدعي التأمل أمام تنوع التجارب الفنية وخاصة ما يقع تقديمه اليوم من إبداعات فنية معاصرة تحاول الخروج عن المألوف ودمج الفن بالتكنولوجيا والجسد. وفي ظل اتساع رقعة الفن يصبح للجنون معنى آخر وتناول قد يختلف مع ما قدمناه.
المراجع والمصادر:
1-
الفن الآن مقدمة في نظرية الرسم والنحت الحديثين، هربت ريد، ترجمة فاضل كمال
الدين، ص117، الطبعة الأولى، 2001
2-" في الفصل الأول من الجزء الأول:" سفينة الحمقى" يبدأ فوكو تأريخه للجنون في العصر الكلاسيكي، حيث ينطلق بنا من نهاية الجذام مع نهاية العصور الوسطى. وسفينة الحمقى هذه هي إحدى الأساطير في العصر الكلاسيكي، وهي تقول إن هناك سفينة غريبة جانحة مليئة بالحمقى تنساب في الأنهار الهادئة لنهر ريناني والقناطر الفلامية. هذه الأسطورة كما يشير فوكو كان لها وجود حقيقي فالمجانين كانوا يطردون من المدن على ظهر هذه السفن." انظر مقال: أوراق فلسفية: تاريخ الجنون الكلاسيكي، على الموقع الالكتروني التالي: http://www.vb.eqla3.com/showthread.php?t=391210
3- تاريخ
الجنون في العصر الكلاسيكي، ميشال فوكو، ترجمة سعيد بنكراد، ص 29، ط1، بيروت،
لبنان، 2006.
4 - « Jérôme Boch que beaucoup tiennent pour
peintre fantastique par excellence, ne procure pas à tout le monde l’impression
d’étrangeté irréductible, qu’il est après tout raisonnable de proposer,
jusqu’au plus ample informé, comme pierre de touche du fantastique. Pourtant
chaque détail y fait preuve d’une invention prodigieuse les règnes s’y
croisent, les plus lointaines alliances y sont courantes, et un homme perforé
par les cordes d’une harpe et un des moindres spectacles des merveilles » Encyclopédia universalis, corpus 9, France S.A 1990, p
280
5-
النرجسية حب الذات، مجموعة من المؤلفين، بترجمة وجيه أسعد،
ص 28، 1984
6-
التحليل النفسي الفرويدي 1، عباس فيصل، ص
61، بيروت، 1991
7-
" فقد سبق لأفلاطون أن كتب يقول: الشعراء والغنائيون لا يتمتعون بصفة التعقل
حين يتغنون بهذه الاشعار الجميلة، بل انهم فريسة لغيبوبة باكوس إله النبيذ (...)
ووصل الصرع بفان جوخ بعد أن زادت حدته بالإجهاد والاسراف في التبغ والخمور والقهوة
إلى درجة الغيبوبة العقلية المعقدة وانعدام الثبات لديه واندفاعه نحو البؤساء
وميله نحو التصوفية وتعلقه بأسرته وحاجته الدائمة إلى قطع الصلة مع من
يعرفه..." بحث في علم الجمال، جان برتليمي، ترجمة
أنور عبد العزيز، ص 81-82-83، القاهرة،
2011.
8- مشكلة الفن،
إبراهيم زكريا، ص 117، تونس، 2003
9- بحث في علم الجمال، جان برتليمي،
ص 85
10 - « Nul n’a jamais écrit ou peint, sculpté, modelé, construit,
inventé que pour sortir en fait de l’enfer.» Création
artistique et figuration délirante, Préface de Michel Courévitch Artaud
Antoine, cité dans : Seban Gilles, P.18, L’Harmattan, Paris,
2001,
11-
تحرير المحسوس، أم الزين بن شيخة، ص11، بيروت، 2014
12-
مشكلة الفن، إبراهيم زكريا، ص 135
13- المرجع السابق، ص 135
14-
دراسات في بنية الفن، مؤلف جماعي، ص 174، الطبعة الأولى،
2004،
15-
مشكلة الفن،
إبراهيم زكريا، ص 116- 117
16 - la pensée et la mouvant, Henri Bergson, p149, paris, 1975
17- بحث في علم الجمال، جان برتليمي، ص 136
18- انظر مقال خليـل فاضـل، بعنوان: عـن الإبـداع والجنــون: المثقفـون ليسـوا أكثـر النـاس اكتئابـاً، على الموقع الالكتروني: arabpsynet.com/Archives/VP/PV.Fadhel-DepAndIntell.htm
19- مشكلة الفن، إبراهيم زكريا، ص135
20- انظر مقال بعنوان ماذا استخدم فان جوخ. أمراض فنسنت فان جوخ، على
الموقع الالكتروني:
https://dvoris.ru › dvoris.ru › عند التخرج
21- مشكلة الفن، إبراهيم زكريا، ص 135
22-
تحرير
المحسوس، ام الزين بن شيخة، مصدر مذكور سابقا، ص 109
23- بحث في علم الجمال، جان برتليمي، ترجمة
أنور عبد العزيز، ص 85
24 - « Je suis le fou de meilleure qualité qui existe au monde. » Entrevue avec Salvador Dali, www.youtube.com
25- الفن الآن مقدمة في نظرية الرسم والنحت
الحديث، هربت ريد، ترجمة فاضل كمال الدين، ص 117
26- تحرير المحسوس، أم الزين بن شيخة، ص 125
27- قوله للفنان سلفادور دالي مأخوذة من كتاب
تحرير المحسوس، ام الزين بن شيخة، ص 121




أضف تعليق