إعلان علوي

العولمة وسياسات التنمية في المنطقة العربية: توافق أم تعارض؟

 

الملخص

      تقوم العلاقة بين سياسات التنمية البشرية والعولمة على مبدأ الصراع بين مسلكين متعارضين؛ فلكلّ منهما وسائل عمله ومنطق اشتغاله وأهدافه الخاصة، ولا يمكن لأحدهما أن يهيمن على المشهد المجتمعي إلا بموت الآخر. إن سياسات الاستعباد والتَهميش والاذلال والفساد وغيرها من الظواهر الاجتماعية التي تتعارض مع مؤشرات التنمية البشرية ليست ظواهر وقتية أو عرضيّة، وإنّما هي من صلب منطق قوى العولمة المالية والاقتصادية التي أنتجت ما يشبه الــ"تسوناميا" الانهيارات الشاملة (الاقتصادية والاجتماعية والمالية..) في دولنا العربية، منذ أن تمكنت من بسط هيمنتها عليها وفرض مقارباتها النيو ـــ ليبرالية فيها، فكان الشباب أكثر الفئات الاجتماعية تضررا من هذه السياسات.

الكلمات المفاتيح: العولمة ــ التنمية البشرية ــ  الاقتصاد اللاشكلي ـــ سياسات الإذلال ــ سيادة الدولة.

Abstract

The relationship between human development policies and globalization is based on the principle of conflict between two opposing logics; Each of them has the means of its work, the logic of its operation, and neither of them can dominate the societal scene except with the death of the other.  The policies of enslavement, marginalization, humiliation, corruption and other social phenomena that contradict human development indicators are not temporary or accidental phenomena, but rather they are at the core of the logic of the forces of financial and economic globalization that have produced a global “Tsunami” economic, social and financial collapse in our Arab countries, since they were able to extend their hegemony over them. and imposing its neo-liberal approaches in it, the young people were the most affected by these policies.

Key words: globalisation – human development – informel economy – indication of humiliation – The state sovereignty.

 

 

  المقدمة:

      مع انتشار النموذج الرأسمالي ــــ الليبرالي كمقاربة تنموية، في بداية عقد التسعينيات من القرن الماضي، ومنذ أن أصبح المسلك الاقتصادي والاجتماعي الوحيد المتبع في أغلب دول العالم في ظل العولمة، بدأت سيادة حكومات الدول النامية، ومنها العربية، تشهد تراجعا في هندسة سياساتها الوطنية وإدارتها. إذ تقلص دورها التنموي بفعل الضغوط التي باتت تمارسها القوى الاقتصادية والمالية عبر تدخلاتها الاقتصادية والاجتماعية ــ المباشرة وغير المباشرة ــ في وضع هذه السياسات وفرض آلياتها وقيمها الليبرالية (دعه يعمل، قانون العرض والطلب، المنافسة الحرة..)، فكانت أولى ضحايا هذه السياسات هي "التنمية البشرية" نفسها، حيث تم إقصاء أبعادها الاجتماعية والإنسانية، ومن ثم فقدت دلالتها الواقعية.

     من أخطر أهداف سياسات العولمة، التي تمت خلال العقود الثلاثة الماضية، هو زيادة منسوب الكوابح أمام تحقيق التنمية العربية، والتي اتخذت عديد الأشكال من أبرزها " كوابح المديونية" التي عمقت حالة التبعية، وزادت من قوة نفوذ الدول المتقدمة والقوى المالية العالمية على اقتصاديات الدول العربية.  فقد سعت هذه القوى العالمية إلى أن تكون سيادة الدولة التي تخضع إليها "مُعوّمة" ومشتّتة وباهتة، لأنّها تدرك أنه كلما كانت الدولة تمتلك السيادة الكاملة على خارطتها الجغرافية ومسيطرة على مواردها المادية والبشرية، كلما تمكنت من اختيار أنظمتها التشريعية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية بحرية تامة، وهو ما يعني بالضرورة تمكنها من السيطرة على ثرواتها الطبيعية وإدارة مؤسّساتها وفق مصلحتها الوطنية واستحقاقات التنمية فيها.

    إذًا، مازالت قضية العولمة في علاقتها بمسألة التنمية تطرح تحديات كبيرة وأسئلة معقدة ومتشابكة في بلداننا العربية التي أصبحت تبحث فيها شعوبها عن قواعد أخلاقية وضوابط قيمية جديدة التي تتمكن من خلالها من إعادة بناء مؤسساتها الاجتماعية والسياسية حتى توفر لها الحماية والأمن وتحميها من حالة الفوضى والانحلال الاجتماعي والاقتصادي والسياسي ومن حالة "السّلْعَنة" (marchandisation) التي شملت جميع حقولها المجتمعية. لهذا، لابد من القيام بعملية مراجعة والبحث في محددات التنمية البشرية والاقتصادية ومؤشراتها الحقيقية ونتائجها بكل دقة ومن زاوية علمية بدلا من التقليل من شأنها خاصة في مستوى تأثيرها غير المحمود في استقرار منطقتنا العربية.  

    نهدف من خلال هذه الدّراسة أن نبحث في طبيعة العلاقة بين متغيري العولمة والتنمية البشرية، ومعرفة مدى ملاءمة التّسميات أو المفردات للوقائع. فهناك تغيرات حدثت على جميع مستويات الحياة في ظل هيمنة النموذج الليبرالي؛ في ظل خيارات الخوصصة التي تراجع فيها دور الدولة في برمجة سياساتها الاجتماعية والاقتصادية الوطنية. ونتيجة هذه الخيارات "المًدوْلنة" تراجعت جميع مؤشرات التنمية فيها وعلى كل الصعد؛ فارتفعت وتيرة الاقتصاد اللاشكلي ( اقتصاد الظل) وارتفعت نسب بطالة الشباب، وزادت حالات الفقر وعدم الاستقرار السياسي والاجتماعي، وتصاعدت فيها جميع ظواهر الأنوميا الاجتماعية مثل: العنف والمخدرات والانتحار وعودة الحركات الأصولية الدينية...الخ كل ذلك نتيجة فشل حكومات هذه الدول في معالجة قضايا التنمية وفق رؤية وطنية تستهدف الرفع من مستوى عيش الفئات الاجتماعية المهمشة، والوصول إلى مستوى التنمية التي وعدتنا بها ــ كوكبيا ــ تقارير صناديق النهب ومؤسسات المال العالمية.

  1ـ العولمة وتراجع دور الدولة في التنمية

      ينبغي علينا أن نتجاوز المنطق المضلّل الذي يقوم على تصور جامد وثابت لمنوال التنمية في العالم وتنميط أنساقه الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وكأنها تكرر بشكل دائم لأشكال معينة من السلوكيات. هذه الأنساق يشبّهها البعض بـ"المباني" التي يتم إعادة تشييدها في كل لحظة بشكل متواصل، ولكن بنفس الأحجار التي بنيت منها"[1]. لهذا، ينبغي علينا أن نعتمد المقاربة السوسيولوجية النقدية لتناول مشكلة التنمية في منذقتنا العربية نظرا لعدم وجود رؤى موحدة حولها، وباعتبارها تمثل مركز الخلافات والصراعات الدولية اليوم، ونظرا أيضا لأهميتها في تحديد مصير أمتنا في المستقبل. إذ أن التدقيق في مثل هذه القضايا وإعادة النظر فيها وفق خصوصية الواقع العربي وفهمه فهما جديدا هي من الشروط الأولية لتصحيح مسار"[2] هذه الأمة، بعد أن عاشت قرونا في أزمات التخلف والتبعية والتطرف وغيرها.

 1ــ1ـ العولمة والاستلاب السّيادي للدول

   كان النّسق الدّولي القديم يقوم على العلاقات بين الدول كما هو معترف بها بمكوناتها السيادية المعروفة القائمة على ثلاثة عناصر أساسية وهي: الشعب والأرض والسلطة. لكن مع ظهور شبكات من القوى والفاعلين الدوليين الجدد في ظل العولمة (الشركات متعددة الجنسيات، المنظمات غير الحكومية، المؤسسات المالية..)، أو بالأحرى " لوبيات"  lobbings))[3] جديدة خفيّة نسجت شبكاتها على مستوى العالم كلَه، وبدأ يتشكّل نسق جديد من النظام السيادي للدول ولنظام العلاقات بينها، حيث تغيّرت معه رهانات الصراعات وأصبحت تتداخل فيه الحقوق السّيادية "الوطنية" مع التشريعات الدولية الناعمة في حق التّدخل "الدّولي" أو الاستلاب السيادي للدول النامية تحت عناوين مختلفة. فهذه القوى المالية والاقتصادية "الدولية" بدأت تتحكم في أنظمة دول "العالم الثالث" التي فقدت شيئا فشيئا سيادتها على أقاليمها، وفقدت فيها شعوبها حقها في تقرير مصيرها. ومن ثم، فإن إضعاف سلطة الدولة عبر سياسات الخصخصة أدى إلى تراجع دورها التنموي الاقتصادي والاجتماعي.

    منذ نهاية الثّمانينات، من القرن الماضي، انتهى النظام العالمي ثنائي القطبية (فكريا وسياسيا واقتصاديا..) الذي كان قائما على منظومة "الدولة ـ الأمة" وحق الشعوب في تقرير مصيرها وبدأ يتشكل نظام عالمي جديد أحادي القطبية بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من الدول الغربية. لقد شهد العالم تغيرات مهمة في مختلف مستويات منظومة العلاقات الدولية، في عالم الفكر وعالم الواقع، مع ما شهدته نهاية الثمانينات من أحداث عظام: سقوط جدار برلين، انهيار الاتحاد السوفياتي، تفكّك وتلاشي المنظومة الفكرية الاشتراكية، وحلول منطق "العولمة" محل الفكرة القومية..الخ[4]. فمنطلق العولمة الجديد لا يعترف بالكيانات المستقلة للدول، أي لا يعترف بمفهوم "الدَولة ـ الأمة" الذي تتمتع فيه الدول بالسيادة على حدودها الجغرافية وهيمنتها على مقدَراتها المادية والبشرية دون وصاية من أية جهة.

    لقد أصبح الاتّجاه المهيمن في العالم يقوم على الحد من سيادة الدولة الداخلية، وعلى التحكَم في سياساتها الخارجية من قبل القوى الاستعمارية والدول الصناعية الكبرى. وبذلك فقدت الدَول النامية استقلالها في اتخاذ قراراتها السياسية، وتراجعت سلطتها في وضع سياساتها وبرامجها الاقتصادية والاجتماعية وفق مصلحة شعوبها.  إنّ مفهوم "سيادة الدولة" بمعناه ـ المعولم ـ الجديد أصبح كثير الارتباط بنسق التّفاعلات والتبادلات الاقتصادية والثقافية..إلخ. والغلاف المؤسَسي للدول المعترف بها في منظمة الأمم المتحدة، مازال على حاله، ولكن السلطة التي كانت تمُارسها عن طريق مؤسساتها الوطنية تنتقل بالتدريج إلى مؤسسات رأس المال العالمي التي أصبحت تمارسها بشكل خفي أحيانا، وبشكل مكشوف أحيانا أخرى.

   منذ أن أخذت "منظمة التجارة العالمية"(1995) مكان "الاتفاقية العامة للتعريفات الجمركية والتجارة"(الغات)، أصبحت تتمتع بسلطات فوق قومية ولا تخضع لأية رقابة محلية. فهذه المنظمة وغيرها من المنظمات الدولية والشركات متعددة الجنسيات قامت باتباع "سياسة الاحتواء" الناعمة للسيادة الوطنية للدول النامية. لهذا، كشفت العولمة أهدافها، مثلما ذهب عديد الباحثين المهتمين بها، وهي التفريط في حق السيادة وتقزيما لسلطات الدولة على إقليمها ومواطنيها في الداخل والخارج، وجعلها طيعة للاختراقات الخارجية ونقلها إلى مجموعة من المؤسسات فوق قومية.

    وتدعمت آليات العولمة مع بداية القرن الواحد والعشرين، حيث أصبحت كوكبة العالم المالي إحدى الظواهر متعدية القومية التي ألحقت أعظم الأضرار بالسيادة القومية وأضعفتها، وأدت إلى فقدان الدول القومية ذات السيادة التحكم في عملاتها وسياساتها المالية"[5]. إذ لم تعد أهداف فلسفة "الليبرالية الجديدة"  (Néo-libéralisme)  المُعولمة تدور حول تفكيك القطاع العام وتفكيك دور الدولة في توجيه الاقتصاد والتحكم في برامج التنمية فقط، وإنّما تدور حول التحكم في مصير الأوطان عبر تدويل سياساتها الداخلية والتحكم فيها. كما إن السياسة الليبرالية لا تستهدف إزالة القيود الاقتصادية فقط، وإنما تستهدف أيضا إزالة قيود الدّولة الوطنية[6]. أما شروط صندوق النقد الدولي والمؤسسات التجارية العالمية فلا تنحصر بأهداف كمية مثل تخفيض النفقات المالية أو تقليص العرض لتخفيف الموازنة بين إجمالي العرض والطلب، وإنما أصبحت لها أهداف نوعية مصاغة على شكل شروط لتحقيق الاصلاحات الاقتصادية، وإصدار تشريعات جديدة، وإبطال قوانين وتنظيمات وتشريعاتها الوطنية في حال تعارضها مع أهداف وإملاءات المنظمات الدولية الجديدة.

     إن موجة "اللّبْرَلة" العالمية لاقتصاديات الدول النامية وتحرير اسواقها وخصخصة مؤسساتها الوطنية، خلقت أوضاعا سمحت بتوسع أنشطة الشركات العابرة للحدود والهيمنة على أسواقها، فأصبحت اقتصاديات هذه الدول تحت رحمة التنافس الدولي. وتم تهميش دورها في المجالس الاقتصادية والمالية العالمية التي حولتها إلى مجرد "كيانات إدارية" فاقدة لسيادتها، بل تحولت إلى شبه وكيل للرأسمالية الغربية. لذلك، غدت عمليات السطو على اقتصاديات هذه الدول من قبل " لوبيات" المالية الدولية ذات مشروعية محلية، وأصبحت هي التي تقرر قيمة عملاتها وأسعار موادها الأولية والاستهلاكية ونفقات خدمة ديونها ...الخ. ونتيجة سطوة هذه المنظمات الدولية على أنشطتها الاقتصادية وأنظمتها المالية الداخلية، فقدت سلطتها في التحكم في أوضاعها الداخلية ولم تعد تعمل إلا من أجل رعاية مصالح هذه اللوبيات العالمية وتحولت إلى سلطات محلية للنظام الكوني في ظل العولمة.

   ومن مفارقات هذه اللحظة أن هذه الدول التي تمتلك كامل شروط العضوية في " منظمة الأمم المتحدة" مازالت تنظر إلى صورتها كما كانت تبدو في مرآة القرن العشرين، بيد أن تلك الصورة تخدعها باستمرار؛ إذ تخبرها أنّها مازالت هي نجوم المسرح الدولي، وهذا أمر لم يعد صحيحا"[7]. لقد تحوّلت فيها كيانات السلطة الفعلية للشركات العالمية التي شكلت "مجمعا أعلى" لإدارة سياساتها الداخلية والخارجية، والذي بات يكرس (يفرض) العقيدة الاقتصادية الليبرالية، وينشر أخلاقها في التفويت في ثرواتها وخوصصة مؤسّساتها وتحويلها إلى مجرد مؤسسات "كمبرادورية" ( comprador)[8] لخدمة اقتصاديات الرأسمالية العالمية الأمريكية والغربية أساسا. إذ تقوم الفلسفة الليبرالية في الاقتصاد على سحب المشروعية من مؤسّسات الدولة في توجيه سياساتها الاقتصادية والاجتماعية، لأنّ منطق السوق والنظرة الاقتصادية الربحية الموجّهة لهذه المقاربة تستهدف تقوية نفوذ القطاع الخاص على حساب القطاع العام الذي تديره الدّولة ويرعى الصالح العام.  وفيما تتزايد كوكبة السوق، يتراجع التحكم القومي "السّيادي" لهذه الدول في توجيه اقتصادها الداخلي وشكل تعاملاتها مع الخارج. ونتيجة هذه الاختلالات البنيوية والعميقة في شروط تحقيق التنمية، بدأت تتصاعد فيها مظاهر الاستلاب الاجتماعي والاستسلام وكل مظاهر الاحباط الفردي والجماعي واللجوء إلى أعمال العنف والنهب والفساد.    

    ليس هناك شك حول نجاح مهمة مؤسسات "بريتون وودز" ( البنك الدولي وصندوق النقد الدولي)[9] ومعهما "منظمة التّجارة العالمية" في التبشير لسياساتهم المالية، وإلى اعتناق عقيدة اجتماع واشنطن(1990)؛ حيث اعتقد معظم قادة البلدان الفقيرة أن التعديلات الهيكلية الصارمة ومعها الصدمة العنيفة الناجمة عن فتح أسواقها القومية هو تكفير ضروري سيمكنهم من أن تُغْفر لهم خطيئة الفقر وتدفعهم إلى أرض الازدهار المقدسة"[10]. وفي خلال عقود من المراقبة لنتائج السياسات الليبرالية في اقتصاديات الولايات المتحدة وأوروبا، لم تؤد سوى إلى تعميق عدم المساواة، وزيادة معدلات البطالة والفقر. لقد أصبح " ما يحكم النظام الدولي إنما هي القوة بكل تجلياتها، والمصالح بكل تفسيراتها الأنانية والضيقة في ظل الدور المخجل للدولة ــ الحارسة الأولى لحق شعبهاــ التي أصبحت غير قادرة على تحمل هذه المسؤولية، وعاجزة أمام القوى العالمية لضآلتها، وتبعيتها السياسية والاقتصادية للغرب"[11]. فعدم المساواة في السيادة بين الدول أصبحت من محددات النظام العالمي، بل إحدى شحناته في تأسيس الهيمنة وإدارة الصراعات الدولية. ومن ثم، أصبحت التبعية وسياسات الاذلال تنبعث عبر آلية النظام الدولي ومن رماده[12].

1ــ 2ــ العولمة وسياسات التبعية في المنطقة العربية

      في ظل السياسة التنافسية للرَساميل العالمية ازدادت اقتصاديات الدول العربية تفكَكاً أكثر، ونتجت عنها عدة آثار سلبية على حقوق الإنسان عموما، والشباب خصوصا، في التشغيل والتعليم والصحة..الخ، لأنّ شروط تحقيق التنمية الإنسانية تتعارض مع قوانين اقتصاد السّوق ومعاييره السلعية، إذ تتميَز العلاقة بينهما بالاصطدام والنَزاع الدَائمين، حتى أنّه يمكن القول أنَنا أصبحنا نعيش زمن "نهاية عصر التنمية"[13]  في ظل العولمة. وما شهدته منطقتنا العربية من أحداث وانتفاضات شعبية منذ 2011 هي تأكيد على انسداد أفق التنمية في هذه المنطقة؛ فكلَ الانتفاضات الشعبية التي عرفتها بعض الأقطار العربية، ومن خلال الشعارات التي رفعت فيها، تطالب كلها الحكومات العربية ببناء أسس جديدة في سياساتها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تضمن لمواطنيها حياة كريمة في أوطانها، وهو ما لا يمكن أن يتحقّق إلا بفك الارتباط بين المنهج الليبرالي السّلعي الذي انتهجتها، منذ أواخر الثمانينات من القرن الماضي، واستحقاقات التنمية الاجتماعية والاقتصادية الحقيقية التي تحتاج إلى اعتماد مقاربات نظرية ومعالجات استراتيجية مختلفة عن المقاربة الليبرالية المعولمة.

      لقد فرضت منظمة التجارة العالمية على البلدان النامية سياسات وبرامج لم تكن في صالح اقتصاديات أو برامجها التنموية الوطنية، وإنما كانت معطلة لها، وكانت تهدف لإيقاف هذه المشاريع والبرامج التنموية الوطنية. إذ سعت الدول الكبرى عبر هذه المؤسسات التجارية والمالية إلى اختراق اقتصاديات الدول النامية بدعوى مساعدتها على تحرير التجارة الدولية وتمكينها من تذليل معوقات تقدمها وتحقيق تنميتها "المستدامة" عبر مداخل إنسانوية كاذبة. بينما الحقائق تؤكّد رغبة القوى العالمية الكبرى المهيمنة على اقتصاديات العالم، في تصريف بضائعها في هذه الدول وتحويلها إلى مجرد أسواق لترويج هذه البضائع واستهلاكها محليا. ومن ثم، مكنت السياسية المالية بنوكها التجارية الإقليمية والمحلية ــ عالمية النشاط والحركة ــ من ارتفاع معدلات أرباحها التي تحققها ــ يوميا ــ ومن زيادة نسب الفائدة من نشاطها الائتماني نتيجة سياسات الاقتراض التي فرضتها عليها وشهدت نسقا تصاعديا، "وهو ما مكن رأس مال هذه القوى العالمية من النجاح في إيقاع هذه الدول في فخ المديونية الخارجية. ومن اللافت، أن هذه الدول لم تعتمد، ضمن تقارير سياساتها الاقتصادية والمالية إلى اليوم، على ثقافة تقييم المخاطر وإخضاعها إلى معايير التقييم والمراجعة الموضوعية، سواء تعلق الأمر بمنح الائتمان أو الاقتراض من الخارج أو في تخفيض أسعار الصرف لعملاتها الوطنية؛ فكانت أبرز مخرجاتها هي التدهور الاجتماعي والاستلاب السيادي والانهيارات الاقتصادية والمالية، أي مراكمة الأزمات الداخلية التي عمت جميع القطاعات دون استثناء.

    إن التزام الحكومات العربية بهذه السّياسة سواء في إطار ما تسمى باتفاقيات الشّراكة "الأوروـ متوسطية" أو "إعلان برشلونة" لسنة 1995، يعزّز التبعية، باعتبار أن مفهوم الاستثمار الأجنبي وفق التعريف الذي صاغه "صندوق النقد الدولي" عام 1977 الذي ينص على أن "الاستثمارات المباشرة والأجنبية هي الاستثمارات المنجزة بهدف الحصول على فائدة بصفة دائمة في مؤسسة تمارس نشاطها في بلاد المستثمر، وهدف هذا الأخير هو كسب سلطة قرار فعلية في تسيير المؤسسة. فالهدف إذًا، هو بسط النفوذ على المؤسسة في البلد المضيف. وهذا يتوافق مع مضمون الفصل 34 من "اتفاق الشراكة" بين تونس والاتحاد الأوروبي الذي يؤكد على "أن يلتزمان الطرفان بضمان حرية تنقل رؤوس الأموال فيما يخص الاستثمارات المباشرة الأجنبية في تونس، وكذلك بتصفية وإعادة تصدير منتوج هذه الاستثمارات وكل الأرباح المتأتية منها.  كما أشار أجد التقارير الصادر عن "صندوق النقد الدولي" لعام 2017، الذي تم عرضه على "المجلس التنفيذي " في اجتماع غير رسمي في شهر ماي 2016، إلى إلزام الحكومات المتعاونة معه باعتماد سياسة "التقشف" من خلال مراجعة سياسات "التعويض" و"التوظيف" الحكومي، ويطالبها بالشيء ونقيضه.

   ووفقا لعديد التقارير المتخصصة في التنمية، خاصة الصادرة عن الأمم المتحدة، فإنّ الفجوات بين دخول الأثرياء والفقراء آخذة في الاتساع دونما توقف في البلدان الغنية والفقيرة معًا. فقد أشار "تقرير تحديات التنمية في المنطقة العربية للعام 2011" إلى وجود ثلاث دوائر من الحرمان في المنطقة العربية، وهذه الدوائر هي عبارة عن "الحلقة المفرغة" في التنمية وتتمثل في:

1ـ دائرة الحرمان والتهميش الاجتماعي بكل ما فيه من تراجع لكم ونوع رأس المال الاجتماعي من صحة وتعليم ونظم الحماية الاجتماعية.

2ـ دائرة التّهميش الاقتصادي المعبّر عنه في تراجع فرص العمل المنظمة والمحمية، وتراجع مستوى الدخل والأمن الغذائي نتيجة هيمنة الاحتكار. وكذلك نتيجة تآكل فرص العمل في القطاع العام والخاص المنظم، وتزاحم الشّباب الريفي على فرص العمل الموسمية والمؤقتة في قطاع البناء والخدمات وعجز السياسات الكلية عن مجاراة التغيرات التي وقعت لدى الشباب العربي.

3ـ دائرة التّهميش السّياسي والحكم بكل أبعادها وخصوصا فيما يتعلق بحوكمة التنمية. فالمؤسّسات السياسية شديدة المركزية لا تعتمد في تنظيمها أو تسييرها الحد الأدنى من الشفافية والمساءلة والمحاسبة. وهذا البناء المؤسّساتي الهش يساهم في تعميق دائرتي الحرمان الاجتماعي والاقتصادي.

    لقد وقعت الدول النامية في "فخ العولمة"، وهيمنة الرأسمالية العالمية قبل أن تبني مؤسساتها السيادية وتركّز بنيتها الاقتصادية الفلاحية والصناعية. وحين يكون دور التكنولوجيا واضحا في تعظيم مصادر الثروة في البلدان الصناعية، فإن التكنولوجيا ذاتها هي التي فرضت علاقة غير متكافئة بين محيطين محورهما الاستغلال وإفرازهما الإهمال، وهنا يبرز التحيّز التكنولوجي في علاقة الناقل المُهيْمن والمنقول إليه المُذعِن"[14]، مستغلة في ذلك حالة الفراغ السياسي وغياب الديمقراطية التي تتميّز بها أنظمة الدول النامية. وما يحدث في الحقل الاقتصادي والسياسي يتم استنساخه في الحقل الثقافي والإعلامي لخلق نمط سلوكي واستهلاكي وقيمي واحد، وهو النمط الغربي الرأسمالي الذي يخدم مصالح الشركات العالمية الناشطة في هذه الحقول. وقبل أن تبني دولة قوية تكون قادرة على الاضطلاع بأدوارها الرئيسية، أصبحت تتبنى التصور الليبرالي، في ميدان البنية الأساسية والتعليمية والصحية..الخ، مما أدى إلى خلق بيئة اجتماعية جديدة سمتها عدم الاندماج الاجتماعي وترْيِيف المدن ( ظاهرة النزوح من المناطق الريفية)، وهيمنة " الاقتصاد اللاشكلي" ( غير الرسمي) على قسم كبير من أنشطتها الاقتصادية ومعاملاتها المالية. فقد فقدت سلطتها التأطيرية وقدرتها على التأثير في مسارات التنمية وباتت تعتمد على شرعيات سياسية من خارج أطرها الوطنية، وتحولت فيها العلاقات بين السياسيين من داخل هياكل الدولة والشركات العالمية إلى شبكة من "اللوبيات"(Des loppings) التي تتقاسم أدوار الهيمنة على المجتمع وتؤسس لشرعياتها الجديدة.

  إذًا، نتيجة عدم القيام بالمراجعة النقدية لمسارات التنمية في المنطقة العربية، وفق خطط ممنهجة ودراسات علمية، زادت حالات توطين المشاكل الاجتماعية والاقتصادية فيها، وزادت هذه المشكلات و"جمودها" من حجم المديونية الداخلية والخارجية[15] التي لا شك أنه كلما ارتفعت هذه الديون ترسخّت التبعية ووجدت الذريعة للدائنين والقوى الغربية الاستعمارية التحكم باقتصاديات هذه الدول المستهدفة. لهذا، يذهب بعض المحللين إلى أن أسطورة التنمية لا تتعدى كونها أسطورة تساعد الدول المتخلفة على إخفاء أوضاعها التعيسة والدول المتقدمة على إراحة ضمائرها أمام شعوبها المقهورة. وتاريخ بلدان أمريكا اللاتينية وأفريقيا وآسيا منذ استقلالها ما هو إلا سجل للخلل الوظيفي والتهميش الكوكبي الذي لم تتخلص منه بعد، بل مازال يجدد آليات هيمنته دوريا. وهذه المجموعة من الدول الهامشية، والطرفية، والمستبعدة، تشبه الضاحية بالنسبة إلى الحوكمة العالمية"[16].

    مما لا شكّ فيه، أن التكنولوجيا قامت بدور مهم في الانخفاض التدريجي لوظائف الدخل المتوسط وقطاع الصناعات التحويلية منذ السبعينات من القرن الماضي، لكن ما زاد الوضع تأزّمًا أنّ الشركات العالمية متعددة الجنسيات العملاقة بدأت تتحكم في اقتصاديات الدول النامية وتملي شروطها على حكوماتها دون أن تتحمّل أدنى مسؤولية عن الآثار الاجتماعية والاقتصادية لاقتحامها أسواقها المحلية وتبعيتها لها. إذ " يعدّ التحكم في النظام الاقتصادي عن طريق السوق أثر طاغ بالنسبة إلى مجمل تنظيم المجتمع؛ وهو يعني شيئا ليس أقل شأنا من تسيير المجتمع باعتباره ملحقا للسوق. وبدلا من أن يتجسد الاقتصاد في علاقات اجتماعية، فإن العلاقات الاجتماعية تتجسد في النظام الاقتصادي"[17].

2ــ العولمة ومؤشّرات تفكيك مقومات التنمية البشرية

  يتَفق أغلب المحللين الاقتصاديين والسياسيين والاجتماعيين على أنَ العولمة ليست ظاهرة اقتصادية أو تكنولوجية فقط، وإنَما هي ظاهرة سياسية واجتماعية وثقافية باعتبار أن كل هذه المجالات شملها قانون التبادل العالمي غير المقيد. وينطبق عليها قانون المنافسة الاقتصادية بين الأسواق الوطنية والدولية ووفق أنماط "الهندسة المتغيرة" للترتيبات العالمية الجديدة ولآلياتها في الإشراف والسيطرة عليها. وليست المتغيرات الاقتصادية وحدها التي أصبحت سيئة، بل إنّ الفروقات بين الشّعوب في ميادين شروط الحياة والصحة والتعليم أصبحت مدهشة لقد كان 20 % من الشعوب وهم الأغنى عام 1989 يملكون 83% من الناتج الخام العالمي، لكن هذه النسبة لم تكن سوى 70 % قبل عشرين عاما[18]. فمؤشّرات النمو التي وصلت اليها الدول على الرغم من الاصلاحات الاقتصادية وضعت مزيدا من الضغوط المتصاعدة على التفاوت نظرا الى غياب سياسة اجتماعية شاملة تجلب الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

    تعد آليات اقتصاد السوق، في ظل العولمة، أهم مصدر لإنتاج الفوضى الاقتصادية والاضطرابات الاجتماعية بدلا من تأسيس الديمقراطية ومعالجة قضايا التنمية الحقيقية. وفي ظل ما يسميها "روبرت هارفي" بـ"الفوضى العالمية" (2003)، عمت حالات التفكك والانهيارات في أغلب دول العالم، وزادت حدة المشاكل المتأصلة في مجتمعاتها مثل: الفقر والهجرة الجماعية والجوع والمرض والديون وعولمة الجريمة، وغياب الوجود الحقيقي لحقوق الإنسان فيها"[19]. فنظام السوق يضعف مؤسسات الدولة وهيبتها في المجتمع، ويقلل من دفاعاتها المؤسسية التي تتولى حماية مواطنيها. وهذه الحالة مثلما يرى عديد الخبراء والمحللين من شأنها أن تضعف منظومة حقوق الإنسان وتقوّضها، وهو ما " يجعل الفوضى الاجتماعية أكثر احتمالا"[20].

  إنّ منطق السوق والنزعة الاستعمارية وحالة التمدن تعتبر مولدات قوية لحالة الاذلال والاستباحة والسخط في مجتمعاتنا. ونعني بـالإذلال هنا "الارغام على المرور بتجربة التشريد أو الاقصاء من مكان يعتقد المشرد ارتباطه به، ويعني الحرمان من الاعتراف بالأمن والحرية والقدرة على التصرف بمحض الإرادة التي اعتاد عليها المرء أو يعتقد في أحقيته بها"[21]. ولئن كان الاستعمار في أواخر القرن التاسع عشر هو المصدر الأساسي لإذلال شعوبنا العربية، فإنّه منذ النصف الثاني من القرن العشرين، وانهيار القوى الاستعمارية العسكرية المباشرة، أصبحت سياسات السوق العالمية وقيمه هي المولد الثاني للإذلال. أما المولد الثالث للإذلال فهي تكاليف تعايش الإنسان مع المخاطر والغموض التي تفرضها حالة "التذبذب" العالمي". فلم يكد الناس يتحررون من الجور الاستعماري المباشر حتى وجدوا أنفسهم في مواجهة مع ما هو أشد وقعا وقسوة منه وهي الانهيارات الاقتصادية والتوترات الاجتماعية والاضطرابات السياسية التي أسفر عنها الوجود العالمي "المتحرّر" من القيم الإنسانية.

   أشار المفكر والخبير في العلوم الاقتصادية الهندي "أمارتيا كومار سن" (Amartia Kumar Sen) أن الأشخاص يصبحون قادرين على تطوير قدراتهم الذاتية ومجتمعاتهم عندما يكتسبون خمسة أمور وهي: الحريات السياسية والتسهيلات الاقتصادية والفرص الاجتماعية وضمانات الشفافية والأمن الوقائي"[22]. وهذه العناصر كانت دائما حاضرة ضمن تحديات التنمية البشرية المنشودة منذ أكثر من ثلاثة عقود من الزمن. بينما منطق السوق يقوم على مبدأين أساسيين يتعارضان مع أهداف التنمية البشرية وهما:

أ ــ يؤكد على توفير حرية السوق لأي شخص أو جهة، من داخل البلاد أو خارجها، أكثر من توفير الأمن للفقراء والضعفاء والشباب المهمشين.

ب ــ يحدد النظام السياسي والاجتماعي والاقتصادي على أنه مجموعة من الآليات لتشجيع سلطة بعض الأفراد والشركات الخاصة، بدلا من أن يكون سبيلا للاعتراف بالحقوق الاجتماعية لمن يعيشون على هامش المجتمع.

   كما بيّنت عديد الدراسات الأكاديمية والتقارير الدولية، أنه في ظل العولمة زادت حالات عدم الأمان الاجتماعي والثقافي في مجتمعاتنا، وضعفت مؤسّسات "دولة الرعاية" (l’Etat providence) ونظمها السياسية والاجتماعية والاقتصادية الموجهة لسياساتها التنموية، لأنّ "كلاّ من السّوق الحرة والديمقراطية متنافسان أكثر منهما شريكان"[23]، وتحوّل الناس فيها إلى مجرّد عمال مستهلكين يعملون ليكسبوا قوتهم ويوفروا حاجياتهم المعيشية الأساسية. والعولمة التي تتبنى شعار توحيد الكوكب والمجتمع الإنساني هي نفسها التي تعتمد الوسائل التي تحمل الحروب وإمكانية التفكك"[24]، فأصبحت جزءًا لا يتجزَأ من عملية الهدم والبناء والصَياغة وإعادة تشكيل الذَات ـ الفردية والجماعية ـ في مجتمعاتنا المعاصرة.

2ــ 1ــ اتساع قاعدة الاقتصاد اللاشكلي (Informel Economy)

     إنّ "الاقتصاد غير الرسمي" أو ما يسميه البعض بـ"اقتصاد الظل" أو الخفي واللاشكلي، تنبت فيه جميع أشكال عمليات الفساد والجرائم الاقتصادية المنهكة والمضرة بالتنمية، حيث تنتشر فيه كل أنواع البيع والشراء من أبسط السلع إلى قوة العمل إلى أكثرها تعقيدا (المخدرات والأسلحة..) دون أن تخضع إلى أية ضوابط قانونية أو مراقبة من مؤسسات الدولة الرسمية الردعية. فهذا الشكل من الاقتصاد لا يخضع إلى رقابة مؤسسات الحكومة ولا تدخل مدخلاته ومخرجاته في حسابات المالية العمومية للدولة. وباعتباره لا يخضع لأية رقابة رسمية ولا يعترف بتشريعات الدولة المنظمة للحياة الاقتصادية، فإنه يعتمد السرية في عملية تدوين أنشطته، إذ لا يعتمد دفاتر ولا يمسك وثائق تضبط عملياته المختلفة (شراء وبيعا وتوظيفا).

   ويعد هذا الشكل من الاقتصاد (ظاهرة اقتصادية حديثة) من أبرز الظواهر التي اتسعت قاعدتها المادية والبشرية في ظل العولمة. وهذه الظاهرة هي مؤشر على عدم وضوح سياسة الدولة في التنمية وفشلها في مقاومتها؛ حتى بات متوسط التشغيل لهذا القطاع يتراوح بين 60% إلى 80% من نسبة التشغيل في العالم الثالث[25]، أما في تونس فقد بلغت نسبته حوالي 37,8% حسب بعض الدراسات. كما أدت العولمة إلى ظواهر اجتماعية لا تقل خطورة عن اقتصاد الظل مثل ظاهرة النزوح والهجرة غير النظامية وترييف المدن بشكل لافت في أغلب الدول العربية باستثناء منطقة الخليج.

   فمن أبرز مؤشّرات العولمة ومخرجاتها الانتكاسوية في بلداننا العربية هي أن السياسات الاقتصادية الليبرالية التي أصبحت تعتمدها قد أدت إلى انخفاض الطاقة الاستيعابية للقطاعات الاقتصادية الأساسية مثل: قطاع الزراعة والصناعة والقطاع العام. وعلى الرغم من التزام هذه الدول بـ"الإصلاحات الهيكلية" ــ خاصة بعض دول المغرب العربي ــ من أجل تقليص دور القطاع العام في التشغيل والاعتماد على القطاع الخاص لإيجاد فرص العمل، فإن استجابة القطاع الخاص كانت أضعف مما كان متوقعا في هذا الشأن.  إذ تشير تقارير "البنك الدولي" أن العاملين في الاقتصاد غير المنظم أو اللاشكلي في بلداننا باتوا غير محميين قانونيا وبدأت أجورهم في تراجع ملحوظ منذ نهاية الثمانينات من القرن الماضي. وأهم سمة من سمات سوق العمل في البلدان النامية أن معظم العاملين في مؤسسات القطاع الخاص لا ينعمون سوى باستقرار هش وينقلون من عمل إلى آخر تبعا للضغوط التي يتعرضون لها مثل عمليات التخفيض في الأجور والتسريح أو الفصل عن العمل، إضافة إلى حالات الإفلاس التي طالت عديد المؤسسات الصناعية والتجارية.

  إن معاهدة التجارة الحرة بين دول العالم الثالث والدول الصناعية أدت " في النهاية إلى عجز بلدان العالم الثالث على تطوير المبادلات جنوب ـــ جنوب[26] التي قد تسمح لهم بالخلاص جزئيا من هذه البنية العمودية للاقتصاد العالمي القائمة على عدم تكافر الفرص في التنمية. ولم يعد لدى طابور قيادة هذه الدول ابتداء من مديري المؤسّسات وانتهاء بالرؤساء ووزرائهم إلا كلمة واحدة يطلقونها من أجل ضمان التكيف مع هذه التغيرات وكسب التأييد من قبل "مواطنيهم" أو بالأحرى "رعاياهم" وهي واجب التضحية بلا انقطاع"[27]. وفي ظل هيمنة قيم العولمة وأخلاقياتها أصبحت كل مقاومة لخصخصة العالم تجابه باللعنة [28] من قبل "سادة العالم الجدد".

  لقد أشارت عديد التقارير والدراسات الاقتصادية إلى أن الوضعية الحالية لاقتصاديات الدول النامية، ومنها العربية، تتميز بالارتفاع الكبير في نسبة العمل "غير المهيكل"(non qualifié) الذي يصل أحيانا إلى 70 % في بعض الدول، ويستوعب نسبة كبيرة من الشباب المتعلم ( حوالي 80% ) وغير المتعلم. فقد أعطت السياسات التنموية الأولوية للكهول في الشغل وتركت الشباب يواجهون مصائرهم بأنفسهم في عالم الشغل. وتشير الأدلة إلى أن آفاق الشباب في المنطقة العربية تتعرض الآن أكثر من أي وقت مضى إلى خطر الفقر والركود الاجتماعي وفشل الحكم والاقصاء؛ فباتت هذه الظواهر كلها متفاقمة نتيجة عنف الجسم السياسي وهشاشته.

    منذ عام 1996 تمكنت المنظمة العالمية للتجارة والمؤسسات المالية الدولية والاتحاد الأوروبي من فرض سياسة "إعادة الهيكلة" واعتماد منوال التنمية الرأسمالي الليبرالي. وأبرمت الدول العربية منفردة عديد الاتفاقيات التجارية والصناعية والثقافية شكلت نقلة مهمة من الاقتصاد الوطني الموجه والمستقل نحو مرحلة التحرير والخوصصة والانخراط الفعلي في سياق عولمة الاقتصاد والتنمية عموما. حيث "يتمثل عدم التقيد بالرسميات أو النظم أحد خصائص العمالة في المنطقة العربية، ويعمل الشباب بأعداد كبيرة في هذا القطاع غير الرسمي؛ حيث الوظائف غير مستقرة، وتعرض أجورا منخفضة وظروف عمل سيئة. على سبيل المثال، خلال أعوام 2000ــ2007، وظف 75% من الداخلين الجدد في سوق العمل المصرية في القطاع غير الرسمي، وهي قفزة مذهلة من 20% فقط أوائل السبعينات من القرن الماضي"[29].

   في تونس مثلا، ومنذ ابرامها " اتفاقية الشّراكة مع الاتحاد الأوروبي في 17 جويلية 1995، وبحسب ما أشارت إليه عديد التقارير الاقتصادية، أدت الاستثمارات الخارجية فيها ــ غير المتوازنة ــ إلى تعميق الهشاشة في اقتصادها الوطني، حيث أصبح الرّأسمال الأجنبي يتحكم في أكثر من 54% من إجمالي صادراتها منذ سنة 2008.  كما تمكّن المستثمرون الأجانب من التغلغل في نسيج اقتصادها، ومن السّيطرة على أهم قطاعاته الحيوية والاستراتيجية (الميكانيكية والكهربائية 87%) والنّسيج والنّفط والفسفاط..الخ. كل ذلك، تم نتيجة إتّباع سياسة الخوصصة وتحرير الأسعار والإعفاءات الضريبية لهؤلاء المستثمرين دون النّظر إلى تبعاتها وآثارها الاقتصادية والاجتماعية السّلبية حاضرا ومستقبلا.

  2ــ 2ــ العولمة وأزمة تشغيل الشباب

     تعتبر مشكلة البطالة في منطقتنا العربية من أبرز القضايا المستعجلة التي تحتاج إلى المعالجة الاستراتيجية وتتوقف عليها التنمية البشرية، وهذه المشكلة تمس جميع المنطقة العربية دون استثناء. لقد كانت البطالة في عدد محدود من الأقطار العربية، ولكنها أصبحت اليوم عامة تشملها جميعا دون استثناء خاصة بعد أن تراجعت قدرة الحكومات والقطاع العام على التوظيف"[30]. وأصبحت قضية بطالة الشباب من أهم المسائل التي تثير أسئلة معقدة ومتشابكة حول طبيعة العلاقة بين العولمة والتنمية البشرية ومآلاتها في المستقبل، باعتبار أن بطالة الشباب الدائمة أو الوقتية ــ خاصة لأصحاب الشهاد العليا ــ تترتب عنها تكاليف باهظة على مستوى التنمية في مختلف أبعادها الاجتماعية والاقتصادية.

    فإلى جانب أنها تخل بقابلية الاستخدام لهذه الطاقات الشبابية وتوظيفها بشكل جيد في النهوض بالمجتمع، فإنها بالنسبة إلى الدولة تعني أن الاستثمارات في مجال التعليم والتدريب قد ذهبت سدى. كما قد تؤدي مستويات البطالة المرتفعة والمتزايدة بين الشباب إلى عدم الاستقرار الاجتماعي وإلى ازدياد تعاطي المخدرات وارتكاب الجرائم، والرفع من مستويات الفقر"[31]. ويعتبر التشغيل من أهم التحديات التي تواجهها التنمية البشرية في منطقتنا العرية، باعتبارها تعاني معدلات بطالة من بين الأعلى على المستوى العالمي. وتفشي ظاهرة البطالة في صفوف الشباب، وبحسب عديد الخبراء في الاقتصاد والاجتماع، فإنها تعود إلى أسباب عديدة من أهمّها: فشل برامج التنمية في العناية بالجانب الاجتماعي بهذه الفئة بالقدر المناسب، وتراجع الأداء الاقتصادي، وغياب القوانين المحفزة على الاستثمار والضامنة لحقوق الشباب في الحصول على فرص العمل، وإلى تراجع دور الدولة في توجيه السياسات التنموية وانتقالها إلى اقتصاد السوق الذي ظهرت فيه قيم وضوابط جديدة تقوم على قواعد أخلاقية مغايرة أهمها منطق " السّلْعنة" (marchandisation) الذي شمل الاجتماع والاقتصاد والثقافة والسياسية..الخ.

   بلغ عدد الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و24 سنة حوالي 1.5 مليار، وأكثر من 1.3 مليار منهم يعيشون في البلدان النامية"[32]. لذلك، فإنّ إقصاء الشباب يشكل أحد التحديات الهائلة ضمن أجندة التنمية في هذه الدول. كما أن أكثر من ربع الشباب حول العالم من الذين تبلغ أعمارهم بين 15 و24 عاماً يعتبرون "غير ناشطين"، وتصل المعدلات أقصاها في أوروبا، وآسيا الوسطى ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"[33]. ومنذ عام 2011، بدأت مخرجات هذه السياسات تتحول إلى حركات شبابية تتحدى الوضع القائم في منطقتنا العربية وفي العالم كله. ولم تكن هذه الاحتجاجات الشعبية مطالبها من أجل التوظيف فقط، وإنما تطالب بتغيير النظم والسياسات الاقتصادية والمالية التي سببتها لها هذه الأزمات من أجل تحقيق العدالة والحرية والكرامة، فهي تلقي الضوء على أن الشباب أصبح محبطا نفسيا وناقم على سياسات الدولة التي كانت سببا في تهميشه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.

    كما يمثل الشباب قوة بشرية هامة في منطقتنا العربية، إذ ارتفع عددهم في العقود الماضية بشكل لافت في جميع الأقطار العربية. ونتيجة لذلك، ارتفعت أعداد القوى العاملة بمعدل سنوي بلغ 2,7% حسب تقارير صندوق النقد الدولي. كما ساهم الانخفاض في معدلات وفيات الرضع وارتفاع معدلات الولادة في ارتفاع أعداد الشباب الذين باتوا يشكلون قوة ضغط على سوق الشغل في بلدانهم. وفي كل عام يزداد عدد الشباب الأفضل تعليما والباحثين عن عمل، بأعمار تتراوح بين 15 و29 سنة، ممن يدخلون سوق العمل راغبين في الحصول على وظائف تكفل لهم كرامتهم وتحقق لهم آمالهم في الاندماج والاستقرار الاجتماعي. لكن مثل هذه الآمال لم تتحول إلى واقع، إذ فشلت سياسات الحكومات العربية، دون استثناء، في وضع برامج تنموية تمكنهم من الحصول على فرص عمل تستجيب لمؤهلاتهم التعليمية. وبحسب تقرير "منظمة العمل الدولية"[34] بلغت نسبة البطالة في الوطن العربي في العام 2012، حوالي 23,2% بالمقارنة مع المتوسط العالمي الذي يبلغ 13,9%.

  يؤكد المهتمون بهذا الحقل أن تنمية الموارد البشرية تعتبر الإنسان جزءا لا يتجزأ من التنمية الاقتصادية [35]، لذلك لا نبالغ إذا تبنينا مقولة " أنْسَنة التنمية البشرية" لكونها تتجه في المقام الأول نحو الإنسان وتنميته جسديا ونفسيا وعمليا وزيادة خبراته وتأهيله تأهيلا مناسبا، مع إشباع حاجياته الصحية والتعليمية وصيانة حقوقه المدنية. وليس هناك شك في أن إكراهات العولمة، واحتكار الشركات العملاقة لمعظم الإنتاج الاقتصادي العالمي، وإجبار الدول العربية على التعامل الاقتصادي الدولي في ظل شروط العولمة وخصخصة الأنشطة الإنتاجية الاقتصادية في سياق نظام السوق المنفلت من رقابة الدولة التي انحسر دورها في توفير البيئة القانونية واللوجستية للاستثمارات الخارجية لهذه الشركات دون شروط أو تكاليف مادية، كلها عوامل ساهمت في كبح مسيرة التنمية البشرية في الوطن العربي. علما وأن المنطقة العربية بموقعها الجيوــ استراتيجي المتميز وبثرواتها الطبيعية المهمة على المستوى العالمي، تشكل مركز تنافس وصراع دولي، لذلك، كانت دائما منطقة تنازع وصراع بين القوى الخارجية المستفيدة من اقتصاد العولمة.

    ومن المفارقات التاريخية الصّارخة في منطقتنا العربية، هي أنه بعد أن كان تحقيق التوظيف الكامل هدفا استراتيجيا للدولة الوطنية بعد استقلالها، وتدور حوله شعارات سياساتها التنموية في بعديها الاقتصادي والاجتماعي، لم يعد الآن هذا الاستحقاق من اهتمامات الحكومات العربية على الرغم مما نجم عن هذه العملية الارتدادية من اضطرابات سياسية وانتفاضات شعبية دورية. ونتيجة لسياسات التبعية التي سلكتها الأنظمة العربية، ارتفعت نسبة البطالة في صفوف الشباب وخريجي التعليم العالي وعمليات التفقير في المجتمع العربي، حتى أصبح الإنسان العربي منشغلا في البحث عن قوته اليومي أكثر من اهتمامه بالبحث عن حقوقه، وهذا الأمر خلق فراغا مهولا في حلقة الاتصال بين التنمية وحقوق الإنسان.

    على الرّغم من فشل هذه الدول، على مدى عقدين من الزمن، في معالجة أسباب أزماتها الاجتماعية والاقتصادية معالجة حقيقية وفق مصالحها الوطنية، مثلما أكدت عديد التقارير الإقليمية والدولية[36]، فإنها مازالت تعتقد أن إضفاء المرونة على أسواق العمل وتنقيتها من تدخلها أو توجيهها، ومن خلال الضغط على نقابات العمال وإطلاق آليات السوق والاندماج في الاقتصاد العالمي، كل ذلك سيؤدي، وعلى نحو تلقائي، إلى القضاء على البطالة. فباتت هذه الدول تعاني مما تسمى بـ "البطالة الهيكلية، وهي التعطّل الذي يصيب أو يستهدف جانبا من القوّة البشرية القادرة على العمل بسبب تغيرات هيكلية تحدث في بنية الاقتصاد الوطني، وتؤدي إلى إنتاج حالة من عدم التوافق بين فرص التوظيف المتاحة في البلاد وبين مؤهلات العمال وخبراتهم أو الباحثين عن الشغل. فالرأسمالية مثلما ينعتها البعض ليست إلا "مصنعا للتّفتيت" باعتبارها تولد الكثير من عدم الأمان في المجتمع، أي أنها، دائما غير مستقرة ونزاعة إلى الأزمات"[37]، ونتيجة هيمنتها على المشهد الاقتصادي العالمي، أصبح عدم اليقين ميزة المسرح الدّولي الوليد[38].

    الخاتمة

     أدّت المقاربة "الليبرالية الجديدة" ــ في ظل العولمة ــ إلى فرض سياسات اجتماعية واقتصادية وثقافية تنعدم فيها أية مشاركة فعلية لقوى المجتمع المدني في ضبط سياسات الدول العربية في التنمية، وإلى تحرّر أصحاب النّفوذ في هياكل الدّولة ومن خارجها من أيّة رقابة أو مساءلة من قبل المجتمع. لقد ساهمت هذه الأيديولوجيا التي ترفع شعارات جذّابة مثل "إعادة الهيكلة" و" الإصلاح" و" التنمية المستدامة" وغيرها إلى تضييق هامش التمتع بحقوق الإنسان الضامنة لكرامة الإنسان في هذه الدول. ففي ظلّ السياسة التنافسية للرّساميل العالمية، تفكّكت اقتصاديات الدول العربية، ونتجت عنها عدة آثار سلبية على مستوى حقوق الإنسان العربي في التشغيل والتعليم والصحة والحماية الاجتماعية...الخ. ومنذ أن أعلنت واشنطن (بعد حرب الخليج الأولى عام 1991) عن قيام "نظام عالمي جديد" صارت هذه العبارة تستخدم للدّلالة على الآلية العالمية الجديدة للرأسمالية والامبريالية العالمية لإدارة الشؤون الدولية. وهي الآلية التي تتوافق مع المصالح الجديدة لـ"العولمة"Mondialisation)). هذه العولمة التي تؤسس إلى "نظرة تابعية"[39] للعالم الغربي ولمؤسساته الاقتصادية الرأسمالية التجارية والمالية الكبرى. فبدا العالم "المُلبْرل" اليوم، مثلما يذهب البعض، وكأنَه "سلسلة من الجزر التي تنعم بالرَخاء والثروة في محيط من الشعوب المُشرِفة على الموت"[40].

   إنّ الضغوط التي تمارسها العولمة للترفيع من الضرائب في هذه الدول، وللتخفيض من مستوى دخل مختلف الفئات الاجتماعية فيها، أدت إلى تراجع كبير في مستوى معيشتهم وعمقت ظاهرة التفاوت وعدم المساواة بينهم بشكل لافت وغير مسبوق منذ استقلالها. لقد خضعت هذه الدول إلى تحولات متسارعة أدت إلى القذف بمجتمعاتها المحرومة من التنمية في مختلف أوساطها الجغرافية (الرّيف والحضر) وفئاتها الاجتماعية إلى التهميش والتفقير، فكانت عبءًا إضافيا عما تعانيه هذه الشعوب من أزمات واختناقات على جميع المستويات (التشغيل والبيئة والسكن..).

   هكذا، تبدو لنا أنّ العلاقة الجديدة بين تنمية الموارد البشرية والعولمة تقوم على التَماثل بين منطقين متعارضين. فلكلّ منهما وسائله وأهدافه، ولا يمكن لأحدهما أن يهيمن على المشهد المجتمعي إلاّ بموت الآخر، والاستبعاد والتَهميش في المجتمع الإنساني ليسا بنتيجة عرضيّة، وإنّما هما في صلب منطق العولمة التي تسعى قواها إلى تفكيك البنى السّياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة في الدولة من أجل استيعابها بصورة أفضل ووفق منطقها الخاص.

  قائمة المراجع:

1 ـــ العالم اليوم، أنتوني ماسيون، ص 31، الطبعة الأولى، الدار العربية للعلوم، بيروت، لبنان، 2002.

2 ـــ اغتيال العقل، برهان غليون، ص10، الطبعة الرابعة، المركز الثقافي العربي، المغرب، الدار البيضاء، 2004.

3 - "Le rôle des citoyens dans l’élaboration de la mondialisation, actualité et perspectives " Albala (Nuri), in, Jean-Pierre Michiels (dir) , Mondialisation et citoyenneté, Paris, L’Harmattan, 1999.

 

4 ـــ قضايا في الفكر المعاصر، محمد عابد الجابري، ص10، الطبعة الأولى، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، بيروت، يونيو 1997،

5 ـــ أسطورة التنمية وقوى التدمير الخفية؛ انقراض العالم الثالث، أزوالدو دو ريفرو، ص32، ترجمة فاطمة نصر، اصدارات سطور الجديدة، مصر، 2016.

6 ـــ ماهي العولمة؟، أولريش بيك، ص19، ترجمة أبو العيد دودو، الطبعة الثانية، منشورات الجمل، لبنان، بيروت،2012.

7 ــ أسطورة التنمية وقوى التدمير الخفية؛ انقراض العالم الثالث، أزوالدو دو ريفرو، مرجع سابق، ص55.

8 ــ الكمبرادور هو مجرد سمسار وسيط لترويج السلع أو الخدمات الأجنبية في بلاده على حساب البضائع والمنتجات الوطنية. وكلمة كومبرادور هي أصلا كلمة برتغالية. وقد استخدمها الحزب الشيوعي الصيني لفضح العملاء والوسطاء الصينيين المتعاونين مع الاستعمار أثناء الثورة وبعدها. لمزيد التعمق في هذا المفهوم، أنظر مثلا، مقال للباحث غازي الصوراني، "عن الطبقة الكمبرادورية"، الموقع الألكتروني: الهدف الاخباريةhadfnews.ps .

9 ــ تم في عام 1944 إنشاء "البنك الدولي للإنشاء والتعمير" و"صندوق النقد الدولي" بمقتضى اتفاقية "بريتون وودز". وتعد هذه الصناديق المالية من أبرز المؤسسات الاقتصادية التي رسمت أهدافها الاستراتيجية منذ إنشائها، وطورت وسائل عملها ووسعت جغرافيتها لتتحول إلى أداة " قوة ناعمة" بيد الدول المتقدمة من أجل تكريس هيمنتها الاقتصادية والسياسية.

10 ـــ أسطورة التنمية وقوى التدمير الخفية؛ انقراض العالم الثالث، أزوالدو دو ريفرو، مرجع سابق، ص59.

11 ــ الأزمة الآسيوية: إشكالية النّظام الدّولي الجديد، عبد الوهاب محمد الموسوي، ص71، الطبعة الأولى، دار المناهج للنشر والتوزيع، الأردن، عمان، 2016.

12 ــ  زمن المذلولين: باثولوجيا العلاقات الدولية، برتران بديع، ص134، الطبعة الأولى، ترجمة جان ماجد جبور، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، لبنان، بيروت، ، 2015.

13 - Cf., La fin du développement. Naissance d’une alternative ? François Partant , Paris, Eds la Découverte, 1982.

14 ـــ النظام الدولي الجديد: آراء ومواقف، باسل البستاني وآخرون، ص245، دار الشؤون الثقافية العامة، العراق، بغداد، 1992.

15 ــ أسطورة التنمية وقوى التدمير الخفية؛ انقراض العالم الثالث، أزوالدو دو ريفرو، مرجع سابق، ص60.

16 ـــ زمن المذلولين: باثولوجيا العلاقات الدولية، برتران بديع، مرجع سابق، ص134.

17 - The Great transformation: The political and Economic origins of our time, Karl Polanyi, p.57, Boston, 1944.

18 ــ أنظر تقرير برنامج الأمم المتحدة للعام 1991.

19 - Cf. Global Disorder; America and the threat of world conflict, Robert Harvey, 2003.

20 ــ الأجندة الخفية للعولمة، دينيس سميث، ترجمة علي أمين علي، ص 251، الطبعة الأولى المركز القومي للترجمة، مصر، القاهرة، 2011.

21 ــ الأجندة الخفية للعولمة، دينيس سميث، مرجع سابق، ص 29.

22 ــ ورد في، تقرير التنمية البشرية لعام 1999أمارتيا سن، ص 10.

23 ــ الفجر الكاذب: أوهام الرأسمالية العالمية، جون جراي، مرجع سابق، ص 213.

24 - « Pour une politique de civilisation”, Edgar Morin, pp.40 -50, La pensée de midi, n°7, 2002/.

25 - La planète des naufragés, Serge Latouche, p. 34, La découverte, Paris, 1991.

26 ــ أنظر التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2003.

27 ــ فخ العولمة، بيتر هانس وهارالد شومان، ص29، الطبعة الأولى، ترجمة عدنان عباس علي، سلسلة عالم المعرفة، عدد238، الكويت،1998.

28 ــ ، سادة العالم الجدد، جان زيغلر، ص 223، الطبعة الثانية، ترجمة محمد زكريا اسماعيل، مركز دراسات الوحدة العربية، لبنان، بيروت، 2004.

29 ــ لا تتجاوز نسبة التجارة البينية بين الدول العربية 8% من إجمالي التجارة الخارجية، بحسب ما ورد في التقرير الاقتصادي العربي الموحد لعام 2003.

30 ــ بيتر هانس و هارالد شومان، فخ العولمة، مرجع سابق، ص29.

31 ــ جان زيغلر، سادة العالم الجدد، ترجمة محمد زكريا اسماعيل، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت-لبنان، ط2، 2004، ص 223.

32 ــ سادة العالم الجدد، جان زيغلر، مرجع سابق، 2004.

33 ــ أنظر تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2016، الشباب: آفاق التنمية الإنسانية في واقع متغير في المنطقة العربية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

34 ــ منظمة العمل العربية، موجز التقرير العربي الأول لمنظمة العمل العربية حول: التشغيل والبطالة في الدول العربية؛

نحو سياسات وآليات فاعلة، القاهرة، يوليو/تموز 2008.31

35 ـــ مؤتمر العمل الدولي، الشباب: سبل الوصول إلى العمل اللائق، الدورة 93، 2005.

36 - World Development Report 2007, Development and the Next Generation, World Bank, 2006.

37- World Bank. Human Development Network Statistics, 2013.

38 ــ أنظر تقرير منظمة العمل الدولية: توليد الفرص في الاقتصادات العربية: الملاحة في جو عاصف، 2014.

39ــ "تنمية الموارد البشرية وأبعادها السكنية في الوطن العرب"، رياض طبارة، بحث نشر ضمن أعمال ندوة تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي، دار الرازي، الكويت 1987.

40ــ أنظر مثلا "التقرير الدولي حول التنمية الإنسانية"، والتقرير السنوي الصادر عن "برنامج الأمم المتحدة للتنمية"(PNUD) باعتبارها هيئة رسمية تابعة لمنظمة لأمم المتحدة(ONU).